البرود الجنسي!

عرّف علماء النفس البرود الجنسي على أنه عجز المرأة عن الوصول للنشوة خلال ممارسة العلاقة الحميمة، وقد استُخدِم هذا المصطلح لوصف مجموعة متنوعة من السُّلوكيات التي تطرأ على المرأة، بدءاً من البرودة العامة وعدم الشعور بالرغبة أو الإثارة، مرورًا بطريقة التعامل مع الشريك وعدم الاهتمام بالتلامس الجسدي بينهما ووصولًا إلى النفور الشديد من ممارسة العلاقة الحميمية. 

وقد أطلق الباحثون على هذه الحالة أيضًا مصطلح نقص الغدد التناسلية العام hypogonadismus، نظرًا للدلالات المهنية المرتبطة بمصطلح البرود الجنسي، و تم تفسيرها بكونها تعني عجز المرأة عن الحصول على الرضا الجنسي، ويُعتبر البرود الجنسي والحسي من الحالات التي تُصيب شريحة كبيرة من الرجال والنساء، وتختلف شدة الحالة ما بين البسيطة و المتوسطة و المرتفعة، كما يُمكن أن يكون البرود مؤقتاً أو دائماً في الأحوال العادية، يمر التفاعل والاستجابة الحسية الجنسية عند المرأة بأربع مراحل، تبدأ بالإثارة أو التهيج ثم المحافظة على حالة التهيّج وتصاعدها حتى الوصول للرعشة، التي يعقبها إما العودة إلى مرحلة التهيج والتي تمهّد لرعشة جديدة، أو إلى مرحلة الاسترخاء التام السابق للإثارة. إلا أنّ مجموعة من العوامل تتداخل في منع تشكيل هذه الاستجابة الجنسية التي تؤدي إلى برود جنسي. 

يُمكن تقسيم البرود الجنسي حسب تشخيصه، إذ ليس عند المرأة ما يماثل القذف السريع، كما أنّه ليس عند الرجل شيء مثل صعوبة الملامسة و تمرد المهبل بالتشنج، يضاف إلى هذا أن الرجل بقدر ما نعرف لا يمرّ بمرحلة تماثل مرحلة التغير الطبيعي التي تصيب المرأة عند انقطاع الحيض الطبيعي أو التغيرات الهرمونية، بحيث تتضافر عدة أسباب كل منها يحفّز الآخر لتؤدي إلى البرود الجنسي ثم انخفاض الرغبة في الممارسة الجنسية أوالخوف منها.

أسباب البرود
البرود الناشئ عن الأدوية : 
تكاد الكتب تخلو من تأثير الأدوية على الدافع الحسي عند المرأة ومن تأثيرها على طريقة استجابتها الحسية. بحيث لاحظ"اوليفن" أن مدمنة المورفين أو غيرها من المخدرات، عند الحرمان منها، تصاب بتهييج شديد مصحوب ببلوغ الذروة من تلقاء ذاتها في كثير من الأحيان، عكس ما هو شائع أن الأدوية المهدئة والمخدرة تنقص الرغبة الحسية و تؤدي لبرود جنسي لدي المرأة، لكن هذا لا يحدث في الواقع. 

لعل نقص المعلومات في هذه النقطة يرجع إلى حقيقين :
اولا : أن المرأة تخلو من العلامات الظاهرة التي يمكن ملاحظتها بسهولة مثل الانتصاب، هذا بعكس الرجل.
ثانيا: تسمح المرأة بالملامسة ولو كانت مشغولة عازفة عنها زاهدة فيها، أما الرجل فلا يمكنه الملامسة قبل أن تتحرك مشاعره. 

البرود بسبب أمراض بدنية :
*البرود بسبب المرض الشامل *
ليس هناك فرق بين الرجل و المرأة في هذا الصدد باستثناء فرق واحد، هو أن المرأة تستطيع السماح بالملامسة دون أن تتيقظ حسيا. 

*البرود بسبب المرض الموضعي*
أغلب المعلومات المتاحة حول الإصابة العضوية للمرأة تحدث ألما أثناء آثارها أو عند الملامسة، فمن الأكيد أن هذا الايلام يعطل سير النشاط الحسي عند حدوثه، و ينطبق هذا الأمر على الجنسين، بيد أن الإصابات التي تحدث الألم عند الرجل غير معروفة ولا شائعة عكس المرأة. 

إن معظم النساء اللائي يتألّمن من الملامسة المؤلمة يجدن سببا عضويا لمتاعبهن، و قد رأى "موير" أن الملامسة المؤلمة أساسها نفسي و قد تكون وسيلة دفاعية ضد الشريك المكروه. 
"ستوكس" قد أيّد هذا الرأي بحيث قال أن هناك درجات متقدمة من العلاقات الحسية الباردة و هي تمتاز بصعوبة الملامسة، و بحث أطباء الأمراض النسوية عن أسبابها استنادا إلى فحص الحوض المعتاد لكن بدون جدوى. 

وحسب ما جاء به "مارشال" بأنّ بعض الحالات ترجع إلى أسباب نفسية (تكون نتيجة تشنج المهبل أو الإفراط في الافرازات المهبلية " لوكوري") و ما يعقبه من التهاب المهبل و ثغر المهبل، التهاب عنق الرحم، سقوط عنق الرحم و غيره من ألوان التشوه في الربطة الرحمة، مرض السيلاناورام في قناة التناسل، التهاب المثانة، البواسير... بحيث أن اغلب النساء ذوات الاصابات المؤلمة يتألّمن في صمت لِئلا يضايقن الشريك و يتدعّين بأي اعتلال او حالة مرضية لاجتناب الملامسة. 

*البرود النفسي*
رغم القواسم المشتركة بين جميع النساء و مشاكلها المتعلقة بالبرود الجنسي إلا أن جلها تشترك في وجود خلل نفسي عند المرأة يمنعها من الاستجابة للمؤثرات الجنسية، والشعور بالألم أثناء الملامسة الحسية أو العلاقة الجنسية، مما يمنعها من التفاعل مع الرجل أثناء الجنس. 

و حسب ما جاء به الأخصائيون بعلم النفس على أنه المشكلة الشائعة الا وهي أن المرأة تتأخر أو لا تستطيع الوصول إلى النشوة الجنسيّة أبداً، واضطراب الاستثارة الجنسية الذي يُصيب المرأة عادةً. 

وقد اطّلعت خلال عملي على عدة حالات لنساء تشعرن بالذنب بعد كل ممارسة جنسيّة بسبب عقدة نفسيّة من الجنس كانت منذ أيام الطفولة أو لظرف من الظروف لعدم التكافئ الاجتماعي كما حسب ما جاء على ألسنتهم أن كثرة الصراعات مع الشريك وعدم وجود الحب و التناغم و بدء الرجل بالعملية الجنسية فوراً دون أية مداعبات يؤدي إلى نفور و كره و برود حسي و جنسي.

أوضحت المنظمة العالمية للصحة أن إصابة المرأة بخلل في هرموناتها يُفقدها الرغبة في ممارسة الجنس مثل قلَّة إنتاج الأستروجين وكذا وصولها لِسنّ اليأس
رغم كل هذه الأسباب إلا أنّ غالبية هذه الحالات قابلة للعلاج.

 بقلم: سارة باشكاض
مراجعة وتدقيق : خديجة المالكي، زينب اوحسي. 

أكتب تعليقا

أحدث أقدم