في زمن التكنولوجيا و بداية بزوغ الجيل الخامس 5G، ظهر وباء قادم من الصين بعثر كل أوراق الدول.
نظرا لما وصل إليه العالم من تقدم و تطور في كافة المجالات، يكاد المرء يجزم أنه لا يمكن أن ينبثق من نقطة بعيدة وباء يمكنه إدخال الأرض برمتها في سبات عميق؛ رغم كثرة الأمراض التي نسمع بها كل يوم لا وجود لمرض يستدعي التباعد الإجتماعي، إلى أن جاء مولود غير مرغوب فيه دفع الكل إلى الاعتراف أن " الإنسان اجتماعي بطبعه" كما قال ابن خلدون.
الغريب أن مخلفات هذا المرض و عكس ما كان متوقعا طالت جميع البلدان بما في ذلك الدول الريادية في شتّى المجالات، و لم تكتفي فقط بدول العالم الثالث، و بالتالي نستنتج أن الحروب التي يخوضها الانسان من أجل البقاء لا تخضع لمنطق ترتيب الدول حسب المؤشرات المعتمدة خلال الدراسات الميدانية. لكن و بدون لغة الخشب، فالأضرار التي لحقت الدول المتقدمة كانت أقل بكثير من نظيرتها بالبلدان النامية.
بمجرد ظهور وباء كوفيد_19 دخل الجميع إلى جحورهم، هدوء لم يسبق له مثيل طيلة قرن من الزمن؛ و أخيرا كتب للأرض أن تأخد قسطا من الراحة و بدأ السباق نحو التسلح بالمعدات الطبية من أجهزة الإنعاش و المنتوجات الكحولية المعقمة، بدا العالم كأنه دخل بورصة وول ستريت لكن بعملات مختلفة، أصبح حجم و كمية المستلزمات الطبية مقياسا للدول : موازنة أصبحت أكثر صرامة بعد انهيار البترول و أكبر الشركات الكبرى.
لكل عاصفة إيجابيات... فمن بين إيجابيات كورونا ما كشفت عنه من مدى وعي و جاهزية الشعوب في تنفيد الحجر الصحي بحذافيره و يعني ذلك القدرة على التأقلم مع العيش تحت سقف واحد رفقة نفس الأفراد لمدة زمنية محددة، سلوك أدّى في بعض الأحيان إلى ظهور حالات كثيرة من الاضطرابات النفسية و الإجتماعية.
في ظل هذا النسق من التقلبات يتوقع أن يخرج العالم بنظرية مفادها الصحة أولا و أخيرا.
نظرية قد لا تستوجب الخضوع للتمحيص، فتلك مرحلة شهدها الكون أمام مرأى العين .
بقلم : بن التاج حفيظ.
مراجعة وتدقيق: زينب اوحسي
إرسال تعليق