هل الإنسان لطيف أم شرير؟
هل الإنسان خير أم سيء ؟ إذا كان خيرا هل يستمتع بالشر أو العنف؟ ءذا كان يستمتع بالعنف هل يجعل هذا منه شريرا؟ وإذا كان شريرا هل يمنع هذا قدرته على الحب والتعاطف؟ و ما هو التعاطف أصلا؟
لكي ترى إجابة حية على هذه الأسئلة خد يد طفل صغير عمره تقريبا عشر سنين أي ملاك كما نسميه، علمه لعبة فيديو من ألعاب القتال و الأسلحة تلك و انزر كيف سيبدأ في قتل الناس في اللعبة و هو فرح مسرور، سيقول لك أعطني سلاحا فتاكا أريد أن تحظر الشرطة، إذا سألته لماذا يقتل الأبرياء هكذا حتما سيجيبك:"يعجبني أن أقتلهم" ... ما دام يلعب و لديه "القدرة" و "السلطة" سيستمر في القتل و الإستمتاع به.
نفس الشيء يحصل عندنا نحن الكبار، الفرق بيننا و بينهم يكمن في شيئين اثنين، الأول هو أننا لا نملك السلطة والقدرة لنقوم بالعنف، هؤلاء الذين يملكانهما يمارسونن، و السبب الثاني هو أننا غير واعين بحقيقتنا الشريرة، أو نعيها و ننافق. إذن كيف يمكننا اكتشاف هذه الحقيقة؟
قامت العديد من التجارب من أجل هذا الموضوع و في كل مرة كانت النتائج تأتي صادمة، مثلا في سجن ستاندفورد قام الدكتور النفسي فيليبس زامباردو بتقسيم متطوعين إلى حراس السجن و مساجين و طلب منهم أن يتعاملو مع بعضهم على هاد الأساس، ليكتشف فيما بعد أن الحراس رغم أنهم يعلمون أنهم تحت مراقبة الكاميرات قد تعاملو بعنف كبير و الذي لم يكن مطلوبا، إذ عذبوا السجناء رغم أنهم لم يقوموا بأي فعل مشين، بعد مرور العديد من السنين سألوا أحد من تقمص دور الضابط في التجربة فقال: السبب هو أنني كنت محتاجا للعمل و عندما قرأت في الجريدة أنهم يطلبون متطوعين مقابل أجر قبلت وكانت كاميرا تراقب فأردت أن أتقمص دور الضابط جيدا لأتقاضى الأجر، لكن الغريب هو أنه أحس بسعادة رهيبة وهو يعذب السجناء وشعر بأتع قوي ومهيمن، هاد الشخص طبعا لم يكن مريضا نفسيا ولا يعاني من السادية كان شخصا عاديا. من بعد قام زامباردو بتجربة أخرى و التي لم تنشر لأسباب سياسية و قد كشفت على أن السجناء والمسجونين عندهم تقريبا نفس المقومات النفسية اتجاه الإجرام.
لم يتوقف العلماء عند هذا الحد بل قاموا بتجربة حديثة و هي أن شرطيا ممثل يمسك مجرما ممثلا و يتمشى في الطريق العام، يرغب الشرطي بدخول المرحاض وأول شخص تقف عينيه عليه يطلب منه أن يراقب المجرم و يعطيه أيضا صاعقا كهربائيا يستعمله إذا أراد المجرم الهرب، الغريب هو أن الكثير من الأشخاص صعقو المجرم رغم أنه لم يفعل شيئا أو يحاول الهرب و رغم أنهم يجهلون الجريمة التي اتهم بها، و هل هو مجرم حقا أو لا، هناك من صعقه ثلاثة مرات.
العلماء أرجعوا السبب هو أن داخل الانسان فيه نوع من الضعف الذي يجعله يمارس العنف كي يثبت لنفسه أنه قوي ومهيمن ويحتاج فقط لسبب سامي حتى لو كان هذا السبب خياليا أو غير صحيح و أحيانا لا يحتاج إلا الفرصة، في التجربة الأولى السبب وهمي إذ قام بالعنف من أجل العلم، و في التجربة الثانية من أجل العدالة.
الخلاصة أنه إذا طلبت من شخص فعل أشياء شريرة لدواعي سامية كالعلم سيصبح شريرا، الحاجة الثانية هو أن الشخص يكفي أن لا تكتشف هويته و صورته و سيصبح شريرا.
نفس العالم قام بتجربة أخرى، إذ أخد مجموعتين من الأشخاص ومنحهم القدرة على قتل فئران. المجموعة التي كشف على أسمائهم فقط 1 من أصل عشرة أشخاص قتل فأر واحد والمجموعة الثانية التي لم يكشف فيها الأشخاص عن هوياتهم معظمهم قتل ما يفوق 5 فئران لكل شخص. هاد الأمر مطبق أيضا في المجال العسكري، إذ تجد زيا مشتركا موحدا والخودة و علامات على وجوههم و يتعاملون بالأرقام بدل الأسماء حتى يبينو الشر والعنف التدميري الذي فيهم أثناء الحرب.
تجربة أخرى أكدت هذا الأمر و هي التجربة المشهورة للفتاة التي تجردت من ملابسها وكتت لافتة بأنه مسموح لك أن تفعل بها أي شيء و ذلك في ساحة عمومية أمام الملأ وأنها لن تقاوم، بداؤو بتقديم الورود والتصفيق في الأول و انتهى بها المطاف في المستعجلات تعاني من اصابة بسكين وجروح ومحاولات اغتصاب و هناك جملة أخرى من التجارب المماثلة. حتى في الحياة اليومية إذا منحت شخصا السلطة وكانت لديه القدرة في تلك اللحظة ستتعرف على حقيقته و حقيقتك أنت أيضا إن كنت مكانه.
مثال آخر عندما تكون شابة و شاب في علاقة كيفما كانت وواحد منهما أصبحت لديه سلطة على الآخر و أحس بأن الآخر مدمن، في معظم الحالات يتحول ذلك الحب إلى استغلال بشكل غير واعي لأنه أصبح يمتاك السلطة والقدرة و لم يعد يهتم بإحساس الآخر فيلعب بمشاعره كيفما شاء و بشكل غير واعي يمارس العنف ويحس بالقوة والهيمنة.
هناك فرق بين ما نريد أن نفعل و ما نفعله بالفعل، ولا تستطيع إدراك سلوكك تجاه أمر ما حتى تكون داخله فشتان بين قيمنا وأعمالنا، إذ لو كان الشر غير موجود ما كانت لتقوم حرب عالمية أولى و ثانية و ما كانت لتكون صناعة الاسلحة ولما كانت هناك حدود أو سجون لزجر الأشرار.
وفي الآخير أود أن أشير إلى أن معظم الإحصائيات في العالم عدد القتلى المدبوحين كان السبب أحد من العائلة أو الأصدقاء من بينهم الدراسة التي أنجزت في guyana سنة 1978 والإحصائيات (2007) تقول أنه في كل ثانية يعنف 136.000.000 شخص و84 مليار دولار كان الثمن الذي سخر في الدراسات التي أنجزت على الشر البشري كي يكتشفو عكس هذه النتائج لكن فشلوا.
إذن ما هو الشر و كيف ينتج؟
هو إلحاق أدى نفسي أو مادي للغير أو للأشياء المحيطة، و هو عبارة عن فعل ناتج عن الإمكانيت والمؤهلات العالية إذا توفرت لديك هذه المؤهلات والإمكانيات والقدرات العالية كطاقة سوف تفجرها في أحد من الشكلين المتضادين: الحب أو الكره، الإبداع أو التدمير، بطل أو مجرم...لكن للأسف الجانب الشرير غالب، لتتأكد قارن عدد الأبطال مع المجرمين، عدد المبدعين مع المدمرين، عدد المحبين مع الكارهين...
الإنسان يعيش في نفاق داخلي ونفاق مع الغير ويزداد النفاق في العالم الأفلاطوني الأزرق ولكن هذا الشر لا يجعل منا أناسا غير قادرين على الحب أو العطاء أو التعاطف، فحتى هتلر كان متزوجا و له أولاد يحبهم و كان يتعاطف... وحتى في التجارب هناك عينات لم يصعقوا المجرم وأشخاص دافعو على البنت ضد الاغتصاب، قاموا بكل من هذا لأنهم تعاطفوا، هذا التعاطف كان ضرورة حتمية لأنه كي تكون علاقات بيننا و ينشأ المجتمع لا بد أن يكون هناك التعاطف.
#محمد_ورضي
المصادر:
Philip Zimbardo, The Lucifer effect: understanding how good people turn evil, Random House 2007,
Recherche, n° 534 (avril 2018), pages 83 à 80661.« Histoire d’un mensonge »
Griffin, David Ray (2004) [1976]. God, Power, and Evil: a Process Theodicy. Westminster. p. 31
. ISBN."Evil". Oxford University Press. 2012.
Ervin Staub. Overcoming evil:genocide, violent conflict, and terrorism. New York: Oxford University Press, p. 32.
books :the time paradox, the lucifer infect, the time cure, The Psychology of Attitude Change and Social Influence.
هل الإنسان خير أم سيء ؟ إذا كان خيرا هل يستمتع بالشر أو العنف؟ ءذا كان يستمتع بالعنف هل يجعل هذا منه شريرا؟ وإذا كان شريرا هل يمنع هذا قدرته على الحب والتعاطف؟ و ما هو التعاطف أصلا؟
لكي ترى إجابة حية على هذه الأسئلة خد يد طفل صغير عمره تقريبا عشر سنين أي ملاك كما نسميه، علمه لعبة فيديو من ألعاب القتال و الأسلحة تلك و انزر كيف سيبدأ في قتل الناس في اللعبة و هو فرح مسرور، سيقول لك أعطني سلاحا فتاكا أريد أن تحظر الشرطة، إذا سألته لماذا يقتل الأبرياء هكذا حتما سيجيبك:"يعجبني أن أقتلهم" ... ما دام يلعب و لديه "القدرة" و "السلطة" سيستمر في القتل و الإستمتاع به.
نفس الشيء يحصل عندنا نحن الكبار، الفرق بيننا و بينهم يكمن في شيئين اثنين، الأول هو أننا لا نملك السلطة والقدرة لنقوم بالعنف، هؤلاء الذين يملكانهما يمارسونن، و السبب الثاني هو أننا غير واعين بحقيقتنا الشريرة، أو نعيها و ننافق. إذن كيف يمكننا اكتشاف هذه الحقيقة؟
قامت العديد من التجارب من أجل هذا الموضوع و في كل مرة كانت النتائج تأتي صادمة، مثلا في سجن ستاندفورد قام الدكتور النفسي فيليبس زامباردو بتقسيم متطوعين إلى حراس السجن و مساجين و طلب منهم أن يتعاملو مع بعضهم على هاد الأساس، ليكتشف فيما بعد أن الحراس رغم أنهم يعلمون أنهم تحت مراقبة الكاميرات قد تعاملو بعنف كبير و الذي لم يكن مطلوبا، إذ عذبوا السجناء رغم أنهم لم يقوموا بأي فعل مشين، بعد مرور العديد من السنين سألوا أحد من تقمص دور الضابط في التجربة فقال: السبب هو أنني كنت محتاجا للعمل و عندما قرأت في الجريدة أنهم يطلبون متطوعين مقابل أجر قبلت وكانت كاميرا تراقب فأردت أن أتقمص دور الضابط جيدا لأتقاضى الأجر، لكن الغريب هو أنه أحس بسعادة رهيبة وهو يعذب السجناء وشعر بأتع قوي ومهيمن، هاد الشخص طبعا لم يكن مريضا نفسيا ولا يعاني من السادية كان شخصا عاديا. من بعد قام زامباردو بتجربة أخرى و التي لم تنشر لأسباب سياسية و قد كشفت على أن السجناء والمسجونين عندهم تقريبا نفس المقومات النفسية اتجاه الإجرام.
لم يتوقف العلماء عند هذا الحد بل قاموا بتجربة حديثة و هي أن شرطيا ممثل يمسك مجرما ممثلا و يتمشى في الطريق العام، يرغب الشرطي بدخول المرحاض وأول شخص تقف عينيه عليه يطلب منه أن يراقب المجرم و يعطيه أيضا صاعقا كهربائيا يستعمله إذا أراد المجرم الهرب، الغريب هو أن الكثير من الأشخاص صعقو المجرم رغم أنه لم يفعل شيئا أو يحاول الهرب و رغم أنهم يجهلون الجريمة التي اتهم بها، و هل هو مجرم حقا أو لا، هناك من صعقه ثلاثة مرات.
العلماء أرجعوا السبب هو أن داخل الانسان فيه نوع من الضعف الذي يجعله يمارس العنف كي يثبت لنفسه أنه قوي ومهيمن ويحتاج فقط لسبب سامي حتى لو كان هذا السبب خياليا أو غير صحيح و أحيانا لا يحتاج إلا الفرصة، في التجربة الأولى السبب وهمي إذ قام بالعنف من أجل العلم، و في التجربة الثانية من أجل العدالة.
الخلاصة أنه إذا طلبت من شخص فعل أشياء شريرة لدواعي سامية كالعلم سيصبح شريرا، الحاجة الثانية هو أن الشخص يكفي أن لا تكتشف هويته و صورته و سيصبح شريرا.
نفس العالم قام بتجربة أخرى، إذ أخد مجموعتين من الأشخاص ومنحهم القدرة على قتل فئران. المجموعة التي كشف على أسمائهم فقط 1 من أصل عشرة أشخاص قتل فأر واحد والمجموعة الثانية التي لم يكشف فيها الأشخاص عن هوياتهم معظمهم قتل ما يفوق 5 فئران لكل شخص. هاد الأمر مطبق أيضا في المجال العسكري، إذ تجد زيا مشتركا موحدا والخودة و علامات على وجوههم و يتعاملون بالأرقام بدل الأسماء حتى يبينو الشر والعنف التدميري الذي فيهم أثناء الحرب.
تجربة أخرى أكدت هذا الأمر و هي التجربة المشهورة للفتاة التي تجردت من ملابسها وكتت لافتة بأنه مسموح لك أن تفعل بها أي شيء و ذلك في ساحة عمومية أمام الملأ وأنها لن تقاوم، بداؤو بتقديم الورود والتصفيق في الأول و انتهى بها المطاف في المستعجلات تعاني من اصابة بسكين وجروح ومحاولات اغتصاب و هناك جملة أخرى من التجارب المماثلة. حتى في الحياة اليومية إذا منحت شخصا السلطة وكانت لديه القدرة في تلك اللحظة ستتعرف على حقيقته و حقيقتك أنت أيضا إن كنت مكانه.
مثال آخر عندما تكون شابة و شاب في علاقة كيفما كانت وواحد منهما أصبحت لديه سلطة على الآخر و أحس بأن الآخر مدمن، في معظم الحالات يتحول ذلك الحب إلى استغلال بشكل غير واعي لأنه أصبح يمتاك السلطة والقدرة و لم يعد يهتم بإحساس الآخر فيلعب بمشاعره كيفما شاء و بشكل غير واعي يمارس العنف ويحس بالقوة والهيمنة.
هناك فرق بين ما نريد أن نفعل و ما نفعله بالفعل، ولا تستطيع إدراك سلوكك تجاه أمر ما حتى تكون داخله فشتان بين قيمنا وأعمالنا، إذ لو كان الشر غير موجود ما كانت لتقوم حرب عالمية أولى و ثانية و ما كانت لتكون صناعة الاسلحة ولما كانت هناك حدود أو سجون لزجر الأشرار.
وفي الآخير أود أن أشير إلى أن معظم الإحصائيات في العالم عدد القتلى المدبوحين كان السبب أحد من العائلة أو الأصدقاء من بينهم الدراسة التي أنجزت في guyana سنة 1978 والإحصائيات (2007) تقول أنه في كل ثانية يعنف 136.000.000 شخص و84 مليار دولار كان الثمن الذي سخر في الدراسات التي أنجزت على الشر البشري كي يكتشفو عكس هذه النتائج لكن فشلوا.
إذن ما هو الشر و كيف ينتج؟
هو إلحاق أدى نفسي أو مادي للغير أو للأشياء المحيطة، و هو عبارة عن فعل ناتج عن الإمكانيت والمؤهلات العالية إذا توفرت لديك هذه المؤهلات والإمكانيات والقدرات العالية كطاقة سوف تفجرها في أحد من الشكلين المتضادين: الحب أو الكره، الإبداع أو التدمير، بطل أو مجرم...لكن للأسف الجانب الشرير غالب، لتتأكد قارن عدد الأبطال مع المجرمين، عدد المبدعين مع المدمرين، عدد المحبين مع الكارهين...
الإنسان يعيش في نفاق داخلي ونفاق مع الغير ويزداد النفاق في العالم الأفلاطوني الأزرق ولكن هذا الشر لا يجعل منا أناسا غير قادرين على الحب أو العطاء أو التعاطف، فحتى هتلر كان متزوجا و له أولاد يحبهم و كان يتعاطف... وحتى في التجارب هناك عينات لم يصعقوا المجرم وأشخاص دافعو على البنت ضد الاغتصاب، قاموا بكل من هذا لأنهم تعاطفوا، هذا التعاطف كان ضرورة حتمية لأنه كي تكون علاقات بيننا و ينشأ المجتمع لا بد أن يكون هناك التعاطف.
#محمد_ورضي
المصادر:
Philip Zimbardo, The Lucifer effect: understanding how good people turn evil, Random House 2007,
Recherche, n° 534 (avril 2018), pages 83 à 80661.« Histoire d’un mensonge »
Griffin, David Ray (2004) [1976]. God, Power, and Evil: a Process Theodicy. Westminster. p. 31
. ISBN."Evil". Oxford University Press. 2012.
Ervin Staub. Overcoming evil:genocide, violent conflict, and terrorism. New York: Oxford University Press, p. 32.
books :the time paradox, the lucifer infect, the time cure, The Psychology of Attitude Change and Social Influence.
إرسال تعليق